ينطلق التأصيل الشرعي للعمل والإنتاج من كتاب الله سبحانه وتعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومما فهمه صحابة النبي عليه الصلاة والسلام منهما واتباعهما لذلك المنهج العظيم .
وبينما ننظر في كتاب الله سبحانه وتعالى نجد النصوص القرآنية الكريمة متوافرة دالة على ضرورة العمل والكسب، بل إن الإسلام كلا وجزء قائم على العمل لا على النيات أو على حسن الظن أو على الأقوال.
فإذا نظرنا في أركان الإسلام نجد أن المسلم هو الذي يدخل في الإسلام بالنطق بالشهادتين أولا ليعلم من حوله من الناس بأنه قد أصبح مسلما معتنقا لهذا الدين ، ثم يتأكد إسلامه بإقامته للصلوات الخمس في أوقاتها ، فلا يكفي لكي يصبح مسلما أن يقر ويعترف بوجوب هذه الصلوات عليه، فإن لم يقمها فهو إما كافر خارج من ملة الإسلام وإما عاص لله سبحانه وتعالى فيلزمه التوبة وقضاء ما فاته من الصلوات.
وكذلك إذا نظرنا في الأركان الثلاثة الباقية من زكاة وصيام وحج فإننا نجدها أعمالا يجب على المسلم أن يقوم بها ويؤديها إذا وجبت عليه ولا يجوز له تركها بأي عذر، إلا بما عذره الله به.
فقال سبحانه وتعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وقال جل جلاله في الصيام : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وقال سبحانه جل جلاله في شأن الحج : { وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا }.
فالدين إذن قائم على العمل ولا يعد مسلما من تسمى بأسماء المسلمين ولم يعمل بما جاء به الإسلام .
الدليل الشرعي من كتاب الله تعالى على وجوب العمل:
النصوص العامة:
ويستدل شرعا على وجوب العمل بقول الله سبحانه وتعالى في النص العام : {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون }.
كما أنكر جل جلاله على الذي يقولون ولا يعملون كالذين يقولون أنظر إلى قولي ولا تنظر إلى عملي ، فيرد الله جل جلاله عليهم بقوله : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما تفعلون}.
فنستنتج من هذين النصين الكريمين أن العمل والإنتاج في الإسلام هو أساس هذا الدين الحنيف.
النصوص الخاصة بضرورة وحتمية العمل
وأما النصوص الخاصة في العمل والسعي فكثيرة منها قوله سبحانه وتعالى : { هو الذي خلقكم من الأرض واستعمركم فيها } فاستعمركم بمعنى جعلكم عمارها أو عمارا لها، والعمارة لا تكون بالأقوال ولكن تكون بالأعمال على مختلف الأصعدة ، والأشكال وكل ميسر لما خلق له من العمل والانتاج.
كما أنه سبحانه وتعالى وجهنا إلى استغلال ما في الكون كله من أجل صالح الإنسانية جمعاء لا من أجل صالح المسلمين فقط قال الله تعالى : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء} وقال سبحانه وتعالى :{ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} والذلول أي المطيع الذي يمكن استغلاله بكل سهولة ويسر.والنصوص في هذا كثيرة.
ومعنى الآية الكريمة أن الله( تعالي) هو الذي خلق الأرض وجعلها مهيأة لحياة الإنسان عليها في سهولة ويسر, ولفظة( ذلولا) تعني سهلة, مسخرة, مذللة لكم يابني آدم, من( الذل) وهو اللين وسهولة الانقياد, و( مناكب) الأرض هي جوانبها, وفجاجها وأطرافها, وهو من قبيل الحض علي الاجتهاد في عمارة الأرض وإقامة عدل الله فيها وهي من واجبات الاستخلاف, والحث علي كسب الرزق الذي قدره الله( تعالي) لكل حي في الوجود فقال تعالي: {وكلوا من رزقه} لأن السعي في طلب الرزق واجب علي كل مخلوق, وهذا السعي لا يتنافي أبدا مع حقيقة أن الرزق مقسوم سلفا, ولا يتنافي أبدا مع ضرورة التوكل علي الله وهو الرزاق ذو القوة المتين وختمت هذه الآية الكريمة بالإشارة إلي حقيقة البعث, وحتمية الرجوع إلي الله.
ولا يمكن للإنسان أن يستفيد مما خلق الله له من غير تفاعل بينه وبينها، بين الجهد والطاقة الإنسانية من جهة، وبين عناصر الطبيعة وخيرات الأرض من جهة أخرى لإشباع كل حاجة إنسانية تتركّز عناصرها في الطبيعة.
وقال تعالى: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون* وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون* ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون}.(يس/71ـ73)
وقال جل جلاله:{والأرض مددناها وألقينا فيها رواسىَ وأنبتنا فيها من كل شيء موزون، وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين، وان من شيء إلا عندنا خزائنه ومما ننزله إلا بقدر معلوم}(الحجر/19ـ21).
فهذه النصوص القرآنية الكريمة وغيرها توفر لنا جملة من المفاهيم والأفكار الأساسية التي تحدد لنا بصورة واضحة ودقيقة رأي الإسلام الذي يؤكد أن الأرض وما فيها هي مصدر الثروة، ومنبعها الأساس، وهي مخلوقة، ومجعولة للإنسان.
وجعل الله سبحانه وتعالى للثروة المملوكة بطريق مشروع وظيفة اجتماعية لخدمة الإنسان والمجتمع معاً.ومنع من إنتاج أو تداول أو استهلاك السلع والخدمات التي تشيع (الفحشاء والمنكر) في المجتمع أو في نفس الإنسان، منعاً للأمراض الاجتماعية والصحية والنفسية، وسائر السلبيات التي تنعكس سلبياً كذلك على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية ونحوها.
مفهوم العمل والانتاج
العمل: هو الطاقة أو الجهد الحركي الذي يبذله الإنسان من أجل تحصيل أو إنتاج ما يؤدي إلى إشباع حاجة معينة محلّلة.
الإنتاج: هو السلع والخدمات التي يساهم الجهد البشري في إيجادها من أجل إشباع حاجة ما.
وإذن فالاسلام يرى ان هناك عنصرين فقط يشتركان في الإنتاج:
1ـ الطبيعة (المادة الاولية).
2ـ الجهد البشري.
والانتاج * كله ملك للمنتج ـ للجهد الانساني ـ لإيمان المذهب الاقتصادي في الإسلام بأن كل العناصر التي يستخدمها الإنسان في عملية الانتاج لا تعتبر مشاركة له، ولا مكافئة لجهده.
ففي الطبيعة طاقات وإمكانات إنتاجية هائلة، كالنبات والماء والنفط والشمس والحديد والحيوانات ... الخ.
وفي كيان الانسان قوى حركية وفنية وعقلية ضخمة بامكانها أن تتفاعل مع عناصر الطبيعة، فتوفر الحاجة للجميع، وأن تبعد الفقر والجوع والحرمان عن كل إنسان يعيش على هذه الأرض لأن الله سبحانه قد جعل في كل إنسان من القدرة والطاقة مايمكنه من توفير لوازم الحياة ومستلزمات العيش، لو فسح لها الانتاج من جهة، ورفع الظلم والسيطرة والاستغلال من جهة اخرى.
النهي عن العبث وتضييع المال:
ولقد حرم الإسلام العبث وإضاعة المال قال فضيلة العلامة القرضاوي أن الحفاظ على المال من الأساسيات لقوله تعالى{ولا تبذر تبذيرا} وقوله تعالى {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} وقوله جل جلاله : { ولا تقربوا مال اليتيم} وقوله{وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم}، فإن هذا يدل على أن المال قوام كل حياة وعصب كل حياة لذلك أكد الإسلام على ضرورة الحفاظ على كل مقومات المسلم.
إشباع الحاجة:
وأجاز في نفس الوقت إشباع الحاجات للإنسان لكن من غير إسراف أو تبذير فقال جل جلاله {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين}.(الاعراف/31) ولا يخفى ما في الاسراف والتبذير ـ من اثر سلبي على توازن الحياة الاقتصادية، وحفظ الثروة البشرية، وهذا التحريم هو دعوة للتنظيم وضبط موازنة الحياة الاقتصادية، وتحقيق التوازن بين الحاجة والاشباع.
وقد وصف المسلمين والمؤمنين بأنهم إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا على أنفسهم أو على من تلزمهم نفقتهم فقال سبحانه وتعالى {والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً}.(الفرقان/67) {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً}.(الاسراء/27)
الحثّ على العمل والانتاج
ولقد قدّس الإسلام العمل وكرّم العاملين والمنتجين واعتبره شرفاً وجهاداً وصورة معبّرة عن ذات الإنسان واستعداداته، فبالعمل يؤدي الإنسان رسالته الإعمارية في هذه الأرض، وبالعمل يتطابق مع دعوة القرآن الى الاعمار والاصلاح في هذه الأرض. والإسلام يدعو المسلم لأن يكون عنصراً منتجاً ونافعا لنفسه ومجتمعه، وحرصه على التنمية.
أ- فنراه يحض على الاقتصاد في النفقة والمعيشة، التحذير من التبذير والإسراف واعتبار المسرف أخا للشيطان، قال تعالى:{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} "الإسراء: 26-27".
ب-وأقر الإسلام الملكية الخاصة ورحب بالتملك طالما كان من طريق حلال، واعتراف الإسلام بالذمة المالية المستقلة للمرأة وحقها في البيع والشراء والتعاقد والهبة.
د- وبين الإسلام قيمة "العمل"، فالرسول صلى الله عليه وسلم يحض المسلمين على الكسب الحلال فيقول: ( من بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له)، ليس هذا فحسب بل إن الإسلام جعل أكل الحلال وسيلة لاستجابة الدعوة فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟!) وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: ( ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)،
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ( يعجبني الرجل فأسأل عن حرفته فإذا لم أجد له حرفة سقط من نظري) ورأى أحد رعيته لا يمد يده ليسلم عليه، فسأله فقال إن يده بها صدأ من أثر العمل، فقال عمر: «هذه يد يحبها الله ورسوله».
وانطلاقاً من هذه الدعوة، راح الإسلام يحثّ على العمل ويحارب الكسل والاتكالية ويدعو الى الجد وبذل الجهد من أجل تحصيل الرزق والانتفاع بطيّبات الحياة وإعمار الأرض وإصلاحها.
ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه أروع الأمثلة في الجد وممارسة العمل والنزول الى ميدان الحياة، فلم يستخفوا بالعمل ولم يحتقروا العاملين، بل كرّموا العمل والعاملين واستنكروا الخمول والاتكالية والكسل، لأن العمل في عرف الإسلام كالجهاد في سبيل الله.
ومن تلك الأمثلة أن الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين سعد بن الربيع وبين الصحابي المهاجر عبد الرحمن بن عوف فكان نموذجاً فذاً في حسن الإخاء ، فقد عرض على عبد الرحمن بن عوف أن يتنازل له عن إحدى زوجتيه وعن نصف ماله ولكن عبد الرحمن بن عوف شكره واعتذر عن قبول ذلك وقال له : دلني على السوق ما لهذا هاجرنا.
قال ابن عباس : كان آدم عليه السلام حراثا، ونوح نجارا، وإدريس خياطا، وإبراهيم ولوط زراعا، وصالح تاجرا، وداود زرادا، وموسى وشعيب ومحمد صلوات الله تعالى عليهم رعاة.
وأما الآثار فروي أن لقمان الحكيم قال لابنه: يا بني استعن بالكسب الحلال فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته وأعظم من هذه الخصال استخفاف الناس به.
وقيل لأحمد بن حنبل: ما تقول في رجل جلس في بيته أو مسجده وقال لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي، فقال أحمد: هذا رجل جهل العلم أما سمع قول النبي : إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي وقال حين ذكر الطير: تغدو خماصا وتروح بطانا وكان أصحاب رسول الله يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخلهم، والقدوة بهم مطلوبة .
عن أنس قال: مرّ بالنبي رجل، فرأى أصحاب النبي من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا ـ يعنون النشاط والقوة ـ في سبيل الله؟ فقال رسول الله : إن كان يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان رواه الطبراني والبيهقي.
المال والثروة في خدمة الإنسان
ويؤكد الإسلام هذا المفهوم الاقتصادي الخطير ويعمل على غرسه وتنميته بطرق روحية وقانونية لكسر طغيان حبّ المال والاثراء الفاحش، ومحاربة الاستغلال والظلم الاقتصادي فقال سبحانه وتعالى {والّذين يَكنزُون الذَهبَ والفضّةَ ولا يُنفقُونها في سبيل الله فَبَشرهُم بعذاب أليم} (التوبة/34).
وقال جل جلاله {فاتّقوا الله ما استطعتم واسمعُوا واطيعوا وانفقُوا خيراً لأنفُسكُم وَمن يُوق شُحّ نفسه فاولئك هُم المفلحُون} (التغابن/ 16).
وقال جل جلاله {قُل لعبادي الذين آمنوا يُقيموا الصّلاة ويُنفقُوا مُمّا زرقناهُم سرّاً وعلانيةً} (إبراهيم/ 31).
حقوق العامل في الإسلام
وقد ورد في البيان العالمي عن حقوق الانسان في الاسلام الحقوق الإقتصادية:
أ) الطبيعة بثرواتها جميعا من الله تعالى، قال سبحانه:{وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه} (آية 31 : سورة الجاثية)، فحرّم عليهم إفسادها وتدميرها، قال سبحانه:{ ولا تعثوا في الأرض مفسدين} (آية 381 : سورة الشعراء)، ولا يجوز لأحد أن يحرم آخر أو يعتدي على حقه في الإنتفاع بما في الطبيعة من مصادر الرزق، قال سبحانه:{ وما كان عطاء ربك محظورا}
ب) لكل إنسان أن يعمل وينتج تحصيلا للرزق من وجوهه المشروعة، قال سبحانه :{فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}
ج) الملكية الخاصة مشروعة على انفراد ومشاركة، ولكل انسان أن يقتني ما اكتسبه بجهده وعمله، قال سبحانه:{وأنه هو أغنى وأقنى} (آية 84 : سورة النجم)، والملكية العامة مشروعة وتوظف لمصلحة الأمة بأسرها، قال سبحانه :{ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} (آية 7 : سورة الحشر).
د) لفقراء الأمة حق مقرر في مال الأغنياء نظمته الزكاة، قال سبحانه: {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} (آية 42-52 : سورة المعارج)، وهو حق لا يجوز تعطيله ولا منعه ولا الترخص فيه من قبل الحاكم ولو أدى به الموقف الى قتل مانعي الزكاة، قال أبو بكر -رضي الله عنه- :«والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه».
هـ) توظيف مصادر الثروة ووسائل الإنتاج لمصلحة الأمة واجب فلا يجوز إهمالها ولا تعطيلها، قال النبي صلى الله عليه وسلم :«ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بالنصيحة لم يجد رائحة الجنة»، كذلك لا يجوز استثمارها فيما حرّمته الشريعة ولا فيما يضرّ بمصلحة الجماعة.
ترشيدا للنشاط الإقتصادي وضمانا لسلامته حرّم الاسلام:
1- الغش بكل صوره، قال صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش).
2- الغرر والجهالة، وكل ما يفضي الى منازعات لا يمكن إخضاعها لمعايير موضوعية «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر»، «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسودّ وعن بيع الحبّ حتى يشتدّ».
3- الاستغلال والتغابن في عمليات التبادل: {ويل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} (آية 1-3 : سورة المطففين).
4- الاحتكار وكل ما يؤدي الى منافسة غير متكافئة، قال عليه الصلاة والسلام: «لا يحتكر الا خاطئ».
5- الربا، وكل كسب طفيلي يستغل ضوائق الناس، قال سبحانه: {وأحلّ الله البيع وحرم الربا} (آية 572 : سورة البقرة)
6- الدعايات الكاذبة والخادعة، قال عليه الصلاة والسلام:«البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما وان غشّا وكذبا محقت بركة بيعهما».
7) رعاية مصلحة الأمة وإلتزام قيم الاسلام العامة هي القيد الوحيد على النشاط الإقتصادي في مجتمع المسلمين.
حق حماية الملكية:
لا يجوز انتزاع ملكية نشأت عن كسب حلال إلا للمصلحة العامة، قال سبحانه: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} (آية 881 : سورة البقرة)، ومع تعويض عادل لصاحبها، قال صلى الله عليه وسلم:«من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة الى سبع أرضين»>
وحرمة الملكية العامة أعظم، وعقوبة الاعتداء عليها أشد، لأنه عدوان على المجتمع كله وخيانة للأمة بأسرها، قال عليه الصلاة والسلام:«من استعملناه منكم على عمل فكتمنا منه مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة»، «قيل: يا رسول الله ان فلانا قد استشهد، قال: كلا، لقد رأيته في النار بعباءة قد غلّها، ثم قال: يا عمر، قم فناد: انه لا يدخل الجنة الا المؤمنون، ثلاثا».
حق العامل وواجبه:
«العمل» شعار رفعه الاسلام لمجتمعه {وقل اعملوا} (آية 501 : سورة التوبة)، وإذا كان حق العمل الاتقان، قال صلى الله عليه وسلم:«ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، فإن حق العامل:
أ) أن يلقّى أجره المكافئ لجهده دون حيف عليه أو مماطلة له، «اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
ب) أن توفر له حياة كريمة تتناسب مع ما يبذله من جهد وعرق، قال سبحانه:{ولكل درجات مما عملوا} (آية 91 - سورة الأحقاف).
ج) أن يمنح ما هو جدير به من تكريم المجتمع كله له، قال سبحانه: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} (آية 501 : سورة التوبة)، وقال صلى الله عليه وسلم:«ان الله يحب المؤمن المحترف».
د) أن يجد الحماية التي تحول دون غبنه واستغلال ظروفه، قال سبحانه في الحديث القدسي الجليل:«ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره».
حق الفرد في كفايته من مقوّمات الحياة:
من حق الفرد أن ينال كفايته من ضروريات الحياة، من طعام وشراب وملبس ومسكن ومما يلزم لصحة بدنه من رعاية، وما يلزم لصحة روحه وعقله من علم ومعرفة وثقافة في نطاق ما تسمح به موارد الأمة، ويمتد واجب الأمة في هذا ليشمل ما لا يستطيع الفرد أن يستقل بتوفيره لنفسه من ذلك، قال سبحانه: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} (آية 6 : سورة الأحزاب)[u]